اسم افريقيا اطلقه الرومان في القرن الثاني ق.م على ما بين طرابلس واواسط الجزائر حاليا , ثم صار اسما للقارة كلها في العصور الحديثة.
الصحراء الكبرى تخترق افريقيا من شواطئ البحر الاحمر حتى الاطلس لعرض 16 درجة تقريبا ( 10- 26 ) , وهي لا تفصل جغرافيا فقط قسمها المطل على حوض البحر المتوسط عن باقي القارة , ولكنها ايضا تفصلها عرقا وحضارة وتاريخا بعضها عن بعض . فشمال افريقيا كله من مصر حتى المغرب جزء من منطقة الحضارات القديمة ( 1 ) , بينما افريقيا فيما وراء الصحراء قارة اخرى ظلت في عتمة التاريخ حتى العصور الحديثة , وان كانت لها تطوراتها البشرية والتارسخية الخاصة والمستمرة عشرات الالوف من السنين .
دلت الابحاث والاثار الطبيعية والانسانية ان هذا الحاجز الصحراوي الاعظم لم يكن موجودا او على الاقل لم يكن منطقة جفاف ورمال قبل 10 الاف سنة , وان قصة الانسان في هذه القارة كانت مختلفة عما قد توحي به الاوضاع الجغرافية والبشرية اليوم .
بقايا الصور التي تركها الانسان القديم في الصخور الصحراوية ( موقع تسيلي مثلا وموقع جبارين ) ( 2 ) , واثار الودبان التي جفت , وحتى البحيرة التي لا تزال قائمة ( بحيرة تشاد ) والتي تتقلص باستمرار ( 5 ) , كلها شواهد على حداثة عمر الصحراء .
افريقيا مهد الانسان
قبل مئات الالوف من السنين , وجدت في انحاء القارة وبخاصة في شرقيها وشمالها مجموعات بشرية الملامح . الادلة والبقايا الكثيرة التي وجدها العلماء رجحت الدى معطمهم ان افريقيا كانت مهد الانسان , وان الانسان المنتصب ظهر فيها قبل حوالي 60 الف سنة , وان الانسان العاقل انتشر فيما بين 20 و 15 الف سنة . قبل ذلك وخلاله , عرف الانسان الافريقي استخدام الصوان ( 4 ) , ثم سكنى الكهوف , وصيد الغذاء , واستخدام النار .
منذ 7 او 8 الاف سنة . حين بدأت العناصر البشرية , التي كانت تمارس جمع الطعام والصيد , في الافول , وتنتشر بدلا منها الجماعلت المتجهة الى الاستقرار من اجل زراعة الغذاء وتربية الحيوان لاستغلاله , كانت هناك 4 جماعات عرقية افريقية قد وطدت اقدامها في هذه القارة هي :
- البشمن الاولون في الاجزاء الجنوبية والشرقية .
- الاقزام الاوائل في الاقاليم الغابية من حوض الكنغو وساحل غانا .
- الحاميون - القوقازيون الذين انتشروا في الشمال والشمال الشرقي , دخلاء على القارة .
- الزنوج . وهم الاقدم , انتشروا في المناطق الباقية وعلى هامش المناطق الغابية الاستوائية , ثم توغلوا فيها منذ حوالي 9-8 الاف سنة , واختاروا المناطق الرطبة والقريبة من المياه في الغرب .
الصحراء الفاصلة
زادت اعداد الجماعتين الاخيرتين حتى طغت على الجماعات الباقية وفصلت بينهما وبين هذه الجماعات الصحراء الكبرى التي كانت تتسع بالتدريج تحت ضغط تطورات المناخ وانسحاب العصر المطير . الخط الوحيد تقريبا الذي ظل يربط بين الجماعات الحامية والقوقازية والزنجية هو وادي النيل .
التحديات التي لقيها سكان هذا الوادي اضطرتهم الى استغلال الارض , وتنظيم الري , وتطوير نظام اداري يضمن الامرين منذ الالف الخامس والرابع ق.م . ولم يلق الزنوج هذه التحديات لقلة عددهم وكثرة الغذاء المتاح , فلم يلجأوا الى الاستقرار ولم تتطور لديهم مستويات مماثلة من الحضارة .
قبيل القرون الميلادية بقليل , عرفت افريقيا تطورين هامين , هما :
- انتشار جماعات البانتو , وهي اخلاط من الزنج والحاميين تكونت في مناطق البحيرات الافريقية , ثم انساحت نحو الغرب والجنوب والشرق من القارة , حاملة معها طرائق الزراعة وانتاج الغذاء .
- دخول افريقيا عصر الحديد , وربما دخلها عن طريق وادي النيل وحضارة كوش . فقد كان الحديد قد وصلهما في القرنين الثامن والسابع ق.م , بعد ان شاع في الشرق الادنى حوالي سنة 1200 ق.م .
الشمال الافريقي
القسم الشمالي الشرقي من افريقيا , وبخاصة مصر , جزء من الحضارات المتوسطية القديمة . اما باقي الشمال الافريقي فقد عرف ما بين 50 - 20 الف سنة ق.م انسان النياندرتال , صاحب الحضارة العتيرية ( عتير بجنوبي تونس ) . ثم اخذ يختفي ليحل محله الانسان العاقل . ونرى بقايا عصره الحجري القديم في الحضارة الضبعانية ( نسبة لكهف الضبعة في ليبيا ) . ما بين 10 - 12 الف سنة ق.م . انتشر جنس البحر الابيض المتوسط . العصور الحجرية والمتوسطية تكشف عن اثاره :
- الحضارة الوهرانية ( حوالي 15 الف سنة ق.م ) , في السواحل والتلال المجاورة لها . عثر على اثارها في كهف هوا الفتايح والجبل الاخضر في ليبيا .
- الحضارة القفصية , التي ظهرت بين 9 - 5 الاف سنة شرقي جبال اوراس , ويبدو انها اثرت في الحضارة الوهرانية .
بين الالف الثالث والثاني ق.م , وفد على المغرب جماعات عرف اشهرها في النقوش المغربية بأسم / ليبو ( ومنها اسم ليبيا ) , امتزجت بصانعي الحضارتين السابقتين , ونتج عن هذا المزيج مجموعة البربر , وهي المجموعة البشرية واللغوية التي اهلت الشمال الافريقي في العصور التاريخية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق